
من تراه يجرؤ على قتل الأفكار العظيمة أو تركها تموت عطشاً أو اختناقاً؟ من يكره الشمس و يحاول إطفاءها او إغلاق عينيه دونها؟
أصحاب الأفكار الذين يتخلّون عنها! نعم، و المستفيدون منها هم أول من يبادر إلى تسخيفها و طردها أو إعدامها.... كلّ البشر يفعلون ذلك عامدين أو غير عامدين (و في لحظات جهل بالتأكيد) و إلاّ فمن أين يحفظ التاريخ عشراتٍ أو مئات من أمثال هذه الشواهد: "لو سمحت! احمل هذه الألعوبة معك خارج مكتبي!..." (مستثمر حانق بسبب ضياع وقته مع توماس أديسون في مناقشة تمويل اختراع " الفونوغراف)! و لماذا يقول أديسون نفسه: العبقرية تتكون من 1% إلهام و 99% عرق؟
فكرة جديدة؟ مجنونة و غريبة في وطنها... الزيروغرافي: هل تقدر على إحصاء عدد الوثائق المنسوخة التي تمرّ بين يديك و بين أيدي زملائك الموظفين في المكتب كلّ يوم؟
في دنيا الأعمال و المكاتب المعاصرة تعتبر الناسخة photocopier إحدى اللوازم المسلّم بحضورها و قد كانت كذلك طوال عقودٍ ماضية. و لكن هل تعلم أنّه عندما طرق تشستر كارلسون أبواب شركات التكنولوجيا الكبرى مثل IBM و Kodak لبيع فكرته الجديدة " الزيروغرافي" أغلقت الأبواب في وجهه؟!
تتمة القصة؟ كما قال أديسون... عرق! بعد خمسةٍ و سبعين مليون دولار أنفقت على الأبحاث قامت شركة مغمورة آنئذٍ تدعى هالويد زيروكس - و التي هي الآن زيروكس Xerox – بإزاحة الستار عن أول ناسخات زيروكس بسعر 29500 دولار للواحدة، أو بأجرة 95 دولار شهرياً تتضمن ألفي نسخة مجانية بالإضافة إلى الصيانة المضمونة للنسخات -الشديدة الحساسية آنئذ- لقد كان نجاحاً صاعقاً تمخّضت عنه جهودٌ استمرّت نحو خمسةٍ و عشرين عاماً.
تظن أن الفكرة كانت معتنقةً داخل زيروكس و محميةً من صقيع الخارج إلى أن تنضج؟ لا يا عزيزي لم يكن الأمر بهذه السهولة! مجموعة التطوير ذاتها كانوا يشكّون بها و يكادون يرفضون العمل بها!
قال جون ديساو رئيس قسم الأبحاث و التطوير في هالويد زيروكس " أعضاء كثر في مجموعة التطوير كانوا يتردّدون إليّ و يتذمّرون من العمل على الفكرة السخيفة التي يعتقدون بأنها لا يمكن أن تشتغل"
أجل، كلّ هذا الارتياب و التسخيف رافق نشأة المنتج الذي أصبح في النهاية لازمةً من لوازم العمل و تحوّل لدى زيروكس إلى عمل بقيمة خمسة عشر ألف مليون دولار.
ماذا نتعلّم من القصة؟ لا شيء سوى: لا تخنق أفكارك قبل أن تتيح لها الفرصة العادلة للوقوف على قدميها و إثبات جدارتها
كيف نحاكم الأفكار... دون أن يكون قرار السجن أو الإعدام موقّعاً سلفاً: إحدى طرق المحاكمة الإيجابية للأفكار هي اتباع منهجية PPCO. إنّ هذه المنهجية تنظر إلى كلّ فكرة إستراتيجياً و إيجابياً و بتمهّل من خلال تقدير الجوانب التالية: - المزايا Pluses: ما هي الجوانب ( ثلاثة جوانب على الأقل) التي تعجبك في فكرتك الجديدة؟ - الإمكانات Potentials: ما هي المنافع ( ثلاثة على الأقل) التي يمكن تحقيقها لو طبّقت الفكرة الجديدة؟ - المخاوف Concerns: ما هي المخاوف أو الموانع المتصوّرة لديك عندما تقلّب هذه الفكرة في ذهنك؟ - معالجة المخاوف Overcome the concerns: ما هي الأفكار الممكنة لديك في معالجة المخاوف؟
تخيّل أنّك كنت مسؤول استثمارات في مشاريع جديدة في ثلاثينات القرن العشرين و جاءك مهندسٌ غريب الأطوار يدعى كارلسون خرج من سقيفة منزله أو القبو الذي يعمل فيه ليعرض عليك تقنية ريادية يزعم أنّها ستحل محلّ آلة الميموغراف –السائدة آنئذ-
يمكنك استخدام أسلوب المحاكمة المذكور على النحو التالي:
- المزايا:
إنّها فكرة فريدة، لم أرَ شيئاً كهذا من قبل. يبدو العمل بها أنظف من العمل آلة الميموغراف و كل ما معها من أوراق كربون و حبر. و أعجبني في الأمر أيضاً أنّك برهنت على أنّ مبدأ عملك الجديد ممكن.
- الإمكانات:
يمكن أن تكون المنتج الأول من نوعه في السوق. قد توجدُ مركز ربحية جديد قائم بذاته في الشركة. يمكن أيضاً نشر المنتج عالمياً و التسريع في استرداد ما ينفق على تطويره.
- المخاوف: - كيف يمكنك جعل موظفيك جزءاً مؤيداً في عملية تطوير هذه التقانة المعقّدة؟ - كيف يمكنك إيجاد الوعي بفكرتك الجديدة حتى يدرك الناس كم هي ثوريّة؟ - يبدو أنّها ستكون باهظة الثمن... كيف يمكن تسعير المنتج بطريقة تجعل حيازة ناسخة أمراً مقدوراً عليه لدى الشركات؟
- معالجة المخاوف:
|