عربي     English
مركز بترلايف للتدريب والتنمية البشرية
مركز بترلايف للتدريب وتنمية الموارد البشرية
صفحتنا على تويتر صفحتنا على الفيسبوك
BetterLife Center For training

مقالات بترلايف
  كيف صارت أسطورة العمارة في العالم
حرر بقلم: م.سميرة حسونة  /   عدد القراءات : 563 2014-05-29


حين حصلت زها حديد على جائزة بريتزكر للعمارة (2004) كانت أول امرأة في العالم تتلقى هذه الجائزة الرفيعة التي تعادل الحصول على نوبل ، بحسب المتخصصين في هذا المجال. ليس مستغربا أن تحصل حديد على هذه المكانة ، وهي التي أعادت تعريف أساليب ومنهجيات كثيرة في العمارة وبشكل جذري. يكفي أن نتأمل مبنى مركز الفن المعاصر في سينسيناتي لكي تتأكد هذه المقولة ، فقد قامت حديد لدى تصميمها هذا المبنى بتطبيق نقاط متعددة للمنظور ، مشظية فكرة الهندسة بمعناها التقليدي لتجسد بذلك الفوضى في الحياة المعاصرة.

كان إعلان الجائزة قد قدم فن زها حديد في العمارة بقوله: "لم يكن بناء سيرة زها حديد في العمارة تقليديا أو سهلا ، كل المعماريون يصارعون من أجل الأفكار ، لكن يبدو أن حديد عانت أكثر من غيرها. فطريقة تفكيرها المنفردة ، وعدم قبولها للتسوية هي مكونات الأسطورة. وفي جزء منه يتطلب الأمر مزاجا فنيا خاصا وضروريا لابتكار شيء معماري قوي مثل أعمال حديد"

لا يذكر التاريخ كثيرات من النساء اللواتي برزن كنجمات في فن العمارة في العالم ، لذلك يطلق عليها الكثيرون لقب ( ديفا ) ويعني المغنية الرئيسية أو الأسطورة في الغناء. غير أن زها حديد ردت بطريقتها على هذا اللقب يوم افتتاح أول مبنى رئيسي لها في 2003 وهو مركز الفن المعاصر في سينسيناتي ، إذ كان موظفو زها حديد يرتدون قمصانا مكتوب عليها " وهل كانوا سيسمونني ديفا لو كنت رجلا؟ "

لكن لشخصية زها حديد القوية مشاكلها أيضا ، فقد وصفت بأنها مشهورة ليس فقط بالمباني التي أنجزتها بل بتلك التي لم تنجزها أيضا وظلت مرسومة ومنشورة في صور جميلة لمباني عظيمة وأفكار استثئناية لم تنفذ ، فبعض زبائنها يهربون بعد التعامل معها فيتوقف المشروع ، إنها صعبة المزاج كأي فنان ولا تقبل المساومة ولا التفاوض حول تصميمها.

لكن لولا هذه الشخصية القوية التي تتسم بها زها حديد لما أمتعت العالم وجمّلته وأبدعت فيه بتصاميم مدهشة استبعدت منها نقاط الضعف ، وتمتعت فيها بقوتها وقدرتها كصانع لمجموعة من أجمل تشكيلات ومنحوتات العمارة في العصر الحديث.

ولدت زها حديد في بغداد سنة 1950، كان العراق في الخمسينيات موطن العلمانية والحرية الفكرية والثراء الأدبي والغنى الثقافي ، وكان الاقتصاد ينمو على نحو متسارع. وتربت زها حديد في بيت سياسي من الطراز الأول ، فقد كان والداها رجل سياسية واقتصاد وصناعة ، ينتمي إلى عائلة برجوازية عريقة. أما تعليمها ، فقد التحقت زها حديد بمدرسة داخلية في بغداد ثم انتقلت لأخرى في سويسرا. وأكملت الدارسة الجامعية في لبنان ، حيث حصلت على درجة في الرياضيات من الجامعة الأميركية ببيروت. وفي سنة 1972 التحقت زها حديد بالجمعية المعمارية في لندن ، وهي أفضل مكان أكاديمي ليتقدم ويبرز ويتعلم أي معماري مستقل وطموح. وتتلمذت على يد معلمين في المعهد من أبرز الأسماء في عالم العمارة ، مثل كولهاس الذي وصفها بأنها " كوكب يدور في مجرة وحده "

نفذت زها حديد كمشروع للتخرج فندقا في لندن على جسر هانجرفورد ، وقد صممته ليوحي بأنه مبنى على وشك الإقلاع والإفلات من جاذبية الأرض ، متأثرة فيه بأعمال الفنان الروسي كازيمير ماليفيتش.

تبدو حديد بخيالها الذي جرب مدارس معمارية وفنية كثيرة واستقر على التفكيكية ، تبدو وكأنها تنتمي لعالم الخيال العلمي فتصميماتها توحي بأنها لكوكب آخر. لكن ذلك لا يمنع أنها متأثرة بالعمارة الإسلامية وهي الاعتماد على إبراز قيمة الظل والضوء في المكان ، وهو تقليد عريق في فن العمارة الإسلامية.

في بداية مشوارها كان يبدو للجميع ممن يرى أعمال زها المصممة على الورق أنها مستحيلة التحقيق والتبني ، وظل الأمر كذلك حتى قامت شركة في هونج كونج بتبني تصميمها لمنتجع "القمة" ، ولكن الأمر لم يكتمل للأسف ، ففي سنة 1983 لم يتحقق مشروع "القمة" بعد خسارة العميل لموقع العمل وليس بسبب تصميم حديد. وظلت حديد بعد ذلك عشرة أعوام حتى صممت مبنى آخر.

عاد سوء الحظ مرة أخرى ليقابل حديد مع مبنى الأوبرا في كارديف ، حيث فاز تصميمها الذي يحمل اسم " العقد الكريستالي "في مسابقة دولية لتصميم دار الأوبرا الجديدة في عاصمة ويلز. ولكن تنفيذه كان مستحيلا لسببين ، فهو لم يجد دعما ماديا كافيا. كما لقي تصميم حديد معارضة شديدة من السياسيين في كارديف التي تتميز بطبيعتها المحافظة ثقافيا ومعماريا ، بينما جاء تصميم حديد وكأنه سقط عليهم من الفضاء.

ولكن مثل هذه الإخفاقات كانت بمثابة الطريق إلى النجاح الكبير ، فبعد أن نفذت مشروع مركز الفن المعاصر في سينسيناتي أسكتت حديد كل الألسن التي كانت تزعم أن تصاميمها مجرد خيال جميل على الورق.

من أشهر مشاريع حديد وأكثرها غرابةً وإثارة للجدل مرسى السفن في " باليرمو " في صقلية 1999 ، والمركز العلمي لمدينة " وولفسبورج الألمانية " 1999 ، وكذلك المسجد الكبير في عاصمة أوروبا " ستراسبورج " (2000) ، ومنصة التزحلق الثلجي في" أنزبروك " (2001). والاستاد الأولمبي في لندن (2012). وفي المنطقة العربية جسر الشيخ زايد في الإمارات ، وتصميم متحف الفنون الإسلامية في الدوحة ودار الأوبرا في دبي.

تعيش زها حديد الآن في لندن ، وهي صاحبة شركة لا يقل عدد موظفيها عن 400 موظف وتعمل على ما لا يقل عن 950 مشروعا هي من ضمن الأشهر عبر مختلف أنحاء العالم. أحدثها ما سيراه العالم بمناسبة دورة الألعاب الأولمبية لعام 2020 في روسيا حيث كلفت بإنشاء الملعب الرئيس. وكذلك مشروع مع شركة صناعة اليخوت الألمانية الفاخرة بلوهم فوس ، كما أنها صممت مؤخرا يخت الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش " إيكلبس " ثاني أضخم اليخوت في العالم. ومن مشاريعها المرتقبة ستاد " الوكرة " المعد لاستقبال كأس العالم في قطر 2022.

فسر نجاح قصة زها حديد مكشوف إذا حققنا النظر ، وهو الإبداع والتحرر من أنماط التفكير التقليدية والدارسة والعلم ، وبلا شك الإصرار والعناد.

 

 

 

 

 

Go Back

الصفحة الرئيسية
من نحن
خدماتنا
عملائنا
اتصال بنا
نشاطات قادمة
اختبارات بترلايف
عروض مجانية للتحميل
دوراتنا
مدربونا
المقالات
الأخبار
بترلايف ستور
فديو بترلايف
صور بترلايف
الدورات القادمة
الجدول التدريبي العام
فروعنا حول العلم
  لندن - بريطانيا  كاليفورنيا - الولايات المتحدة الأمريكية
  الخرطوم - السودان   أبو ظبي - الامارات العربية المتحدة
  دبى - الامارت العربية المتحدة  صعيد مصر
  القاهرة