إذا أردت أن تخسر إنسانا وتضعه على قائمة الأعداء ما عليك إلا أن تخبره بأنه علي خطأ
فأنت بذلك تسدد إلي ذكائه وحكم وكبريائه واعتباره ضربة مباشرة والأسوأ أنك لن تجعله يحد عن رأيه فمن الصحيح أنك يمكنك أن تفرقهه في بحر منطق أفلاطون وفلسفة ايمانويل كانت لكنك لن تغير من رأيه شئ ما دمت جرحت كبرياءه في الصميم .
عندما كان تيودور روزفلت رئيسا للولايات المتحدة صرح بأنه لو استطاع ان يكون علي صواب ثلاثة أرباع الوقت لبلغ حد الكمال فيما يرى ويقول ،فإذا كان هذا هو رأى روزفلت أشهر رجال القرن العشرين وأكثرهم حكمة فماذا عنك وعني ؟
لو وسع الإنسان أن يثق بحكمه علي الأمور نصف الوقت فقط لأمكنه عندها أن يذهب إلي شارع المال والأعمال "وول ستريت " ليكسب الملايين كل يوم وإذا كان لا يستطيع أن يثق بأنه علي صواب نصف الوقت فكيف يقول للناس أنهم مخطئون ؟
إن كان في وسعك أن تقول للرجل إنه مخطئ بمجرد نظرة أو لفتة أو إشارة وتكون في ذلك بليغا بلاغتك فيما لواستخدمت الألفاظ وإذا قلت لرجل إنه مخطئ فهو لن يقرك علي ذلك أبدا وكل ما يستخرج به من هذا الموقف هو خسارتك لشخص ربما ليصبح أفضل الأصدقاء .
وينصح خبراء التعامل المرء بألا يبدأ حريته بقوله لمحدثه :"سأثبت لك هذا أو ذاك " فهذا القول يوازى تماما قوله:"إنني أذكي منك وأقدر وسألقي عليك درسا يلغي ما بذهنك"ويعد هذا نوعا من التحدي الكفيل باستشارة عناد الطرف الآخر وحثه علي النضال حتى قبل أن يبدأ النقاش .
إذا كنت تريد أن تثبت شيئا فلا تعلن ذلك سلفا بل احرص علي إثباته في كياسة ولباقة حتى لا يكاد يشعر أحد بأنك فعلت ،وقال أحد الحكماء ينصح ابنه :"كن أحكم الناس إذ استطعت لكن لا تقل لناس ذلك "،
وبالمثل قال سقراط لأتباعه وتلاميذه :"الأمر الوحيد الذي أعلمه علم اليقين هو أنني لا أعلم شيئا " ،فإذا قال متحدث شيئا وظننته أخطأ،أو حتى جزمت بأنه أخطأ يفضل أن تقول له"إنني أرى رأيا آخر،ولكني قد أكون مخطئا ،فكثير أخطئ فإذا كنت مخطئا فإني أحب أن تصحح لي خطئي ودعنا نختبر الحقائق ونتأكد منها .
ربما نغير أحيانا ما بأنفسنا من دون صعوبة أو غضاضة،لكننا متى أدلينا برأي وقيل لنا بأننا مخطئون تمسكنا به ولم نتزحزح عنه قيد شعرة ذلك لأننا نضعها مع كرامتنا وإحساسنا بأهميتنا في كفه واحدة .
ويقول دايل كارنيجى الخبير الشهير في علوم السلوك البشرى إن ضمير المتكلم هو أهم محرك للشؤون الإنسانية جميعا وأن نعتدل في استخدامه له هي الحكمة الحقة إننا نعلق على ضمير المتكلم أقصى أهمية ولن تجد أحدا يسلم بسهولة بأن ساعته مخطئه أو أن سيارته ليست جميله ولن يسلم أحد بأنه مخطئ في معلوماته .
إننا مطبوعون علي متابعة الاعتقاد فيما اعتدنا أن نعتقد فيه،فإذا ألقى ظل من الشك علي أحد معتقداتنا رحنا نلتمس السبل كافة لتبرير تعلقنا به والنتيجة الحتمية أن معظم ما نسميه بالتعقل أو التدبر إنما هو في حقيقة المر التماس للمبررات التي تسوغ لنل متابعة الاعتقاد فيما نؤمن به ،لا جدوى حقا في أن تقول للرجل إنه مخطئ ،فلا تجادل أحد ،ولا تقل لأحد بأنه مخطئ بل استخدم الكياسة ،كن كيسا فهذا يساعدك علي كسب محدثك فإذا أردت أن تجتذب الناس إلي وجهة نظرك فاحترم آراء الشخص الآخر ولا تقل لأحد " إنه مخطئ ".
منقول
ديل كارنجى |